الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شفاء العليل شرح منار السبيل
203464 مشاهدة
مما يحرم بالحيض الطواف

قوله: [والطواف] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري متفق عليه


الشرح: الطواف بالبيت عبادة مستقلة، وركن من أركان الحج والعمرة، وقربة من أفضل القربات، ولذلك اشترط له شروط خاصة كما سيأتي في الحج إن شاء الله تعالى، ومن تلك الشروط الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، ومن النجاسات العينية، وقد دل على هذا الشرط قول الله تعالى: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وقوله تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ فيدخل في تطهيره طهارة من يطوف به كمن يصلى فيه، وذلك من احترام هذا البيت العتيق وتفضيله، ومعرفة مكانته في النفوس، كما أمر بتطهير جميع المساجد من الأقذار والأوساخ وأنواع الأذى الظاهرة.
وكما دل على اشتراط الطهارة منع الحائض من الطواف بالبيت كما في الحديث الذي ذكره الشارح، وهو من أصرح الأدلة على هذا الاشتراط، فذا منعت الحائض من الطواف مع أن المدة فيه قد تطول، فمنع الجنب والمحدث بطريق الأولى، وليس هناك سبب سوى الحدث الذي ينافي الطهارة، وهذا قد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جواز طواف الحائض بالبيت للضرورة، وذلك أنها في زمانه فد تتضرر بالتأخر عن القافلة، ويصير محرمها معها عرضة للسلب والنهب، لكثرة قطاع الطريق، ولو رجعت بدون طواف الزيارة لبقيت سنة وهي على إحرامها بعد التحلل الأول، ولو رجعت في السنة الثانية مع القافلة لم تأمن أن تحيض كما في المرة الأولى، وهذه من الضرورة التي تبيح لها الطواف مع الحيض، وقد أطال في ذلك كما في الجزء الحادي والعشرين من مجموع الفتاوى وقد ذكر أيضا خلافا في اشتراط الطهارة للطواف، ولم يصح عنده حديث الطواف بالبيت صلاة حيث صحح أنه موقوف على ابن عباس ومن رفعه فقد غلط، والحديث قد رواه الدارمي و الشافعي و الترمذي و ابن خزيمة وغيرهم وتكلم عليه الزيلعي في نصب الراية في باب الإحرام، والحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير في باب نواقض الوضوء، ورجح رواية الرفع التي عند أحمد و النسائي ويؤيد الاشتراط منع عائشة وصفية من الطواف بالبيت لعذر الحيض كما في الصحيحين وغيرهما.